-->

كيف تحول ما تتعلمه في الكورسات إلى مهارات عملية تحقق لك دخلًا؟

إن كنت تستغل وقت فراغك في اكتساب المعرفة
والحصول على دورات تدريبية فحسنًا تفعل.
فأنت تثري عقلك وتصقل مهاراتك مما سيفيدك ماديًا ومعنويًا،
وحتى قد تفيد مجتمعك إن استغللت مهاراتك في أنشطة تطوعية. 

من المؤكد أن هذا أفضل من إضاعة الوقت في أمور أخرى لن تفيدك على المدى الطويل،
ولكن هناك شيئًا يجب أن تعرفه: المشاهدة وحدها لا تكفي؛ فهي لن تزيد مهاراتك!


بحسب منحنى النسيان لعالِم النفس هيرمان ابنجهاوس،
فنحن ننسى 70% مما نتعلمه خلال يوم واحد، وتصل النسبة إلى 80% بعد مرور شهرًا. 


تخيّل أنك ترغب في استغلال وقتك وبالتالي سجلت في دورات تدريبية، 
ولكن بمرور بعض الوقت تجد أن 80% مما تعلمته قد ذهب وغادر عقلك، 
وبالتالي أنت استفدت، ولكن ليس بالطريقة الأمثل.


بل وحتى إن تذكرت، فهذا لا يعني أنك قادر على تطبيقه عمليًا،
وبالتالي لم تتحول معرفتك إلى مهارة، وهذا ما سنتعلمه في هذه المقالة.


كيفية تطبيق ما تتعلمه؟ اتعلم واكسب


هنا 3 خطوات لتحويل معرفتك النظرية (ما تتعلمه في الكورسات)
إلى مهارة عملية تحقق لك دخلًا جيدًا من المال.


1. ابدأ بالأساسيات


إن لم تبدأ بالأساسيات ستُحبط سريعًا؛ لأن الأساسيات هي ما يُبنى عليه أي شئ آخر فيما بعد، 
وإن لم تتعلمها سيصبح من الصعب أن تتقدم. فكر في مهارتك على أنها بناء: 
لا يمكنك أن تبنى الدور الأول ما لم تضع حجر الأساس. 
ويجب أن تعرف ما هو الأساس أولًا، وسنذكر هنا عدة أمثلة. 


  • إن كنت تود تعلُّم الكتابة، فليس المقصود بالأساسيات
    هو أن تتعلم كتابة المقالات أو التعامل مع بلوجر أو ووردبريس،

    بل أن تتعلم ما قبل ذلك وهو قواعد النحو والإملاء
    ومتى تضع الهمزات وعلامات الترقيم وهكذا.

    هذا ما يُفرّق في حكمنا -كقراء- بين الكاتب الجيد وغير الجيد.
    وهنا أرشح لك دليل بيانات لكتابة المحتوى، فهو يساعدك على تعلم أساسيات الكتابة
    والنحو والصرف، ثم الكتابة لعالم الويب. قد تشعر أنه طويل ولكنه سيفيدك جدًا.

  • إن كنت تود تعلم التسويق، فالأساسيات ليست أن تتعلم إنشاء إعلانًا على فيسبوك،
    بل أن تتعلم أساسيات التسويق قبل وجود الأدوات الرقمية،
    كتقسيم السوق ووضع صورة للعميل المستهدف وفهم سلوك المستهلك وما إلى ذلك.

  • إن كنت تود تعلُّم التصميم، فالأساسيات ليست أن تتعلم فوتوشوب،
    بل أن تعرف قواعد التصميم الأكاديمية،
    كالتباين والتوازن والإنسيابية وكذلك دلالات الألوان.
    لن يمكنك إنشاء تصميمًا مميزًا ما دُمت لم تتعلم تلك الأساسيات.

حين تعرف الأساسيات، سيمكنك ببساطة أن تعرف العمل الجيد من غير الجيد.

نقطة بسيطة إن كنت ستبحث عن الأساسيات بالإنجليزية،
فيمكنك كتابة 101 بعدها، وهي الدورات أو المقالات المخصصة للمبتدئين تمامًا،
مثال: learn marketing 101.

هذه الأساسيات عادةً ما تكون نظرية، ويمكن تعلمها غالبًا خلال يومين على الأكثر، 
ولكنها ستُحدث فرقًا كبيرًا في الخطوات التالية.



2. قلّد


الاستعجال عدو التقدم. إن كنت ترغب أن تصبح مبدعًا من بداية التعلُّم فلن تصل إلى شئ. 
التعلُّم الجيد يبدأ من التقليد؛ أن تقلد كل ما يقوم به المدرب أمامك على الشاشة. 
مع كثرة التقليد، ستكتسب شيئًا يُسمى ذاكرة العضلة، 
وهو أن يصبح الأمر بسيطًا مع كثرة الممارسة (أو التقليد) 
لدرجة أنك لا تحتاج أن تفكر وقت فعله، وكأن يدك تفعل وحدها. 

من أبسط الأمثلة على ذلك هي القيادة؛ فالسائق مع كثرة الممارسة لا يفكر 
فيما إذا كان سيضغط على هذه الدوّاسة أم تلك، بل يصبح الأمر تلقائيًا.

هناك أربعة مستويات للتقليد يجب أن تسير فيها على التوالي:


1. التقليد التام: كما ذكرنا، هو أن تقلد كل ما يقوم به المدرب أمامك في الدورة التدريبية، 
لا يحتاج الأمر للتفكير أو الإبداع. 

من الجيد أيضًا أن تكرر التقليد مرة أخرى بعد إنهاء الدورة التدريبية حتى تتأكد من إتقانك للأمر.


2. التقليد بالتدقيق والتفكير: بعد انهاء الدورة التدريبية، 
تبحث عن نماذج فعلها أشخاص آخرون وتحاول أن تستنتج كيف فعلوها؟ 
ومن ثم تحاول تقليد أعمالهم بالضبط كما أمامك. 

من المهم أن تبحث عن النماذج البسيطة أولًا ثم تتدرج في التعقيد حين تجد أنك أتقنت النماذج الأبسط.


3. التقليد بملاحظة الأخطاء: لا يوجد عمل كامل. هناك جانب من النقص في كل عمل تراه. 
ومهمتك في هذه المرحلة أن تلاحظ الأخطاء في الأعمال التي أمامك 
وتسأل نفسك: كيف يمكن أن يكون هذا العمل أفضل؟ 

ومن ثم تحاول تطبيق هذا العمل (بعد إصلاح الأخطاء) بنفسك. 
هذه أكثر مرحلة ستدرك فيها مدى أهمية الأساسيات.

4. التقليد من عدة أشخاص

الشخص الذي يفعل ذلك هو الذي يُقال بأنه "مبدع". 
الفكرة هي رؤية عدة نماذج صنعها عدة أشخاص مختلفين 
وتستنتج أفضل ما في كل عمل (أو أفضل ما في نماذج كل شخص) 
ومن ثم تدمجها في عمل واحد، أو تطبيق تلك الأمورعلى فكرتك. 

غالبًا ستجد جانب واحد في كل عمل هو ما أثار إعجابك. 

كمثال، إن كنت تتعلم الكتابة، ستجد أحد الكُتّاب لديه قدرات لغوية عالية، 
وهذا يمكن أن تلاحظ الكلمات الجديدة منه وتضعها في مفكرتك. 

وآخر لديه قدرة على الشرح والتبسيط، 
وستحاول منه أن تدقق وتلاحظ كيف شرحها بتلك البساطة. 

وهكذا حتى تستفيد من كل ذلك في كتابتك او مقالك القادم. 
نفس الأمر يمكن أن تطبقه في التصميم (يُسمى التغذية البصرية)
والبرمجة والتسويق وباقي المجالات.


كلما تقدمت في المراحل، طالت المدة اللازمة. 
فالمرحلة الأولى قد تستغرق منك ساعات أو أيام قليلة، 
والمرحلة الثانية والثالثة قد تستغرق أسابيع، والرابعة شهور. 

عادةً ما تكون مؤهلًا للعمل مع آخر المرحلة الثالثة أو بداية المرحلة الرابعة. 
في هذا السياق أرشح لك كتاب "اسرق مثل فنان" لمؤلفه أوستن كليون.



3. انشر فنّك


في الخطوات السابقة كان الغرض هو تحويل المعرفة النظرية إلى مهارة عملية. 
بمجرد أن تصل للمرحلة الثالثة في التقليد (قد لا تحتاج لأكثر من شهر)، 
فقد حان وقت نشر ما تعرفه على وسائل التواصل الإجتماعي.


واختيار مواقع التواصل المناسبة يعتمد على نوع عملك؛ 
فإن كنت مصممًا فالأنسب هو انستجرام وبنترست وكذلك بيهانس behance. 

وإن كنت كاتبًا فالأنسب هو الكتابة على إحدى المواقع أو مدونتك 
ونشر ذلك على فيسبوك أو تويتر أو كورا quora وكذلك contently. 

وإن كنت مسوقًا فالأمر يعتمد على تخصصك، 
فإن كان تخصصك إعلانات فيسبوك، ففيسبوك هو الانسب، وهكذا بالنسبة لباقي التخصصات. 

لينكد إن هو الموقع الذي يجب أن تهتم به أيًا كان تخصصك؛ 
فمن خلاله ستجد الكثير من فرص العمل.


ليس من الصائب الاعتقاد بأنه يجب أن تكون خبيرًا حتى تنشر ما تعرف أو أعمالك، 
بل العكس، يحب الناس أن يتعلموا ممن يسبقهم بخطوات قليلة. 

يمكنك أن تنشر وتشرح ما قرأته اليوم في مجال تخصصك، 
أو تنشر عملك الذي أنهيته للتو، 
أو حتى اقتباس من أحد أعلام المجال وإن أمكن أن تشرحه. 

سيفيدك هنا كتاب "أنشر فنك" لنفس المؤلف المذكور أعلاه وهو أوستن كليون.

هناك الكثير من الأفكار، ولكن أهم ما يجب أن تفعله الآن هو أن تبدأ. 
تبدأ التعلم، والتقليد والتعديل والتطبيق ثم النشر. 
بهذه الطريقة، ستجد نفسك قد اكتسبت المهارة، وكذلك اكتسبت عملًا يحقق لك دخلًا.

شاركنا بالتعليقات هل استفدت من المقال؟

بالتوفيق

كتبها لكم: مينا ماهر